هنا كل ما كتبت من مقالاتي وما نشرت هو عالمي مفتوح أمامكم أتمني اقامة طيبة


الخميس، 25 يناير 2024

روتين يومي بقلم محمد خطاب

  


مجرد حلم ! يا الهي ! لم أفعل شيء سوي أنني حلمت بأن أكون إنسان حر ، لأجدهم أمامي يحاسبونني ،

يقول الأول :

هل جننت ؟ حرية ! أنت مجنون

قام الثاني  بالبصق علي الأرض  ، و احدي عينيه محمرة و الأخرى؟ لا أستطيع أن أحدد ، لكني لا أراها .. ربما سقطت  منه في لحظة انفعال .

اشتعل رأسي بالأسئلة عن حقيقة ما يحدث .. من أين جاءوا ؟ ومن هم و لما أزعجتهم كلمة حرية رغم أن الكلمة لم تفارق شفتي !

قال الأول : لما تفكر ؟

الثاني :  وفيما تفكر؟

 الأول : لماذا أنت صامت؟

 الثاني  : هل تدبر أمرا؟  

الأول : لا تعجبك أحوال البلد ؟

الثاني : لم يبق إلا أمثالك ؟

الأول : احمد ربك أنت حي حتى هذه اللحظة

صرخت بأعلى صوتي : من أنتم؟

الأول : نحن من نسأل بل نحن السؤال و أنت الإجابة

الثاني: أري انك تأخذ علاج الضغط

قلت : أهي جريمة؟

الأول : طبعا

الثاني : لما يرتفع ضغطك

الأول : تبدوا حانقا ، غير راضي عن أحوال البلاد

الثاني : أنت تكره الحاكم

الأول : لا تعجبك سياسة البلد .. أنت نكرة لا يحق لك التذمر أو الشكوي

قلت أجيبوني أولا: من أنتم ؟

الأول : من أعطاك حق السؤال ؟ أنت مجرد مواطن  تنفذ ما يأمرك به قادتك .. أنت آلة لا يقيم لها أحد وزنا .. فقط تنفذ

قلت : طبعا .. تخت أمركم و أمر قادتي و أعتذر لأنني حلمت بالحرية .. شيء فظيع أن تكون حرا  

الثاني : أخيرا اعترفت بخيانتك

نفد صبري و صرخت بأعلى صوتي : خائن لأني أحلم

استيقظت علي دف شعاع الشمس وصوت المنبه المزعج ، ليبدأ روتيني اليومي بالذهاب  للعمل و تنفيذ الأوامر.. مجرد ترس لا يحق لك الشكوى أو التذمر أو حتى الحلم !

 

 

 

 

 

 

الاثنين، 15 يناير 2024

   الرحيل بقلم محمد خطاب

 


في انتظار أن يحدث شيء ، ثوان ثقال  لا تمر و دقات الساعة تعلن النفير العام  في حواسي ، الطريق يمتد أمامي في ليلة صيفية ساخنة أشعر بصهد يخرج من أحشاء الإسفلت ، غلبتني فكرة رحيلها و لم أشعر بالعرق المتساقط علي جبيني ، صوتها الدفيء وهي تسألني عن النجوم ما إذا كان يسكنها أحد ،كانت تقول : هو فيه حد غيرنا في الكون ؟

ولم تنتظر الإجابة فقد عادت لقراءة القرءان من المصحف خلف الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في التلفزيون ، تتلعثم في بعض الكلمات ثم تعاود قراءتها ، ثم تقول مبتسمة: أكيد ربنا هيسامحني؟

شعوري بالدفء في وجودها كان ينسيني آلامي كنت أستظل بروحها و أستلقي وسادة من الحب الطاهر المنزه عن المصلحة ، كان الزمن يتوقف عن المسير في صحبتها رغم طقطقت عقرب الساعات.

فجأة جاءه صوت اتصال مرتبك : الحق أمك تعبت خالص !

  أسرعت الخطي نحو الدار ، و أنفاسي  تتصاعد بصعوبة و كأني أفارق الحياة ... وصلت المنزل و الوجوم يسيطر علي وجوه الجميع ... لا أري أحدا ، و لا أسمع سوي أنات أمي ، بدا واضحا عليها التعب الشديد ، أنفاسها تتقطع بصورة غريبة تردد بصوت متقطع : نفسي.. نفسي .. مش قادرة آخذ نفسي . تنظري إلي مستغيثة و أنا أنفس بخاخة كلينيل في فمها  مطمئننا  :  استنشقي بقوة و ستذهب الكريزة لحالها .

كان وجهها محمرا و سكرات الموت تذهب بها و تسألني :

مبتسألش عليه ليه؟ بموت يا محمد .. ابنك عامل ايه .

وقبل أن أجيبها تقول : بموت يا محمد نفسي رايح .

أخذتها في حضني وكأني أخفيها عن الأقدار : أنت بخير دلوقتي نفسك هيرتاح .

 نظرت إلي غير مصدقة قالت : عطشانة .

 سقيتها الماء و أنا أغالب الدموع قلت لها : هي دي أول مرة تتعبي فيها .

أربعون يوما بالتمام مفصل الفخذ مكسور و هي  تصرخ و تتألم  و الطبيب يأتي و يكتب لها علي مسكنات دون فائدة.. الألم لا يبارح جسدها و الصراخ لا يتوقف  .. و كل أطباء العظام أجمعوا أن العملية مستحيلة لكبر سنها و لأنها لن تتحمل إجراء العملية أو البنج .. التقرحات ملأت جسدها من طول فترة الرقاد .. و المراهم لا تجدي .. في نهاية اليوم الأربعين بدأ الألم يقل ، قالت : شوفت أبوك في الجنة .. و أنا لابسة فستان الفرح و رايحه له. قبلت جبينها و قلت لها:  لن تذهبي سنظل معا أو نرحل معا.

أنفاسها تتقطع بصورة غريبة و فجأة بدأ كل شيء في الانهيار، بدأ عالمي  يتداعي مع خروج الروح وقفت و أخوتي عاجزين عن فعل شيء فقط نتألم و نتحسر علي روح طاهرة تغادر أجسادنا جميعا لا جسدها ، ألم خرج من جسدها و سكن روحي إلي اليوم .