تتطاير الافكار ، و تتناثر من رأسه ، لا شيء يستقر مكانه .. الضغوط اليومية
تستنزف عقله .. امواج تعلوها أمواج من أحداث يتخيلها و صراعات تسحقه أسفلها مع
أشخاص بعضهم يعرفه و الكثير منهم مجهولين له ،أو ربما رآهم من قبل في المواصلات
العامة أو أثناء التمشية اليومية قبل ساعات الحظر ... في يوم قرر أن يشتبك مع
الضابط الواقف في آخر الشارع .. جلس علي الرصيف و عقله يندفع نحوه يتحدث معه بكلام غير مفهوم و الضابط
يتجاهله .. أخذ يشيح بيده للضابط و هو لا يهتم .. سقطت عيناه علي رجل ضخم الجثة عيناه
تتحركان يمينا ويسرة و كأنه يهرب من شيء .. أشار اليه بشكل مستفز ، اختفي الرجل
بين الجموع .. شعر أنه غير مرئي لهم .. لا أحد يشعر به .. تسقط أحدي العمارات فوق
رأسه فجأة و أصوات الناس تصرخ و الغبار الخانق يملأ الفضاء المرئي .. يشعر بأن
عظامه سحقت و أسياخ الحديد انغرست في جسده .. أصوات سيارات الاسعاف تزعجه و عويل
النساء يخرجه من عالمه الجديد نعم عالم جديد و جسد جديد حيث أسياخ الحديد أصبحت
جزءا من جسده .. نظر الي الدم يتدفق من خلال ثقوب كبيرة تملأ جسده دفئها أسكره و
تلذذ بغمس أصابع يديه .. فكر أن يكتب اسم حبيبته علي الارض المغبرة بتراب المبني
... لم يجد ما يكتبه شوي علامة استفهام .. مر شريط حياته أمام عينيه دون يشعر مثل
البشر .. كان يصفه أستاذه بالكائن فوق البشري .. خرجت الاسياخ فجأة من جسده و
الثقوب تمرر هواء ساخن يشعر بلسعته .. و الدم تتخثر علي ملابسه و تجف .. تصلبت
رقبته و قطع الظلام تعيد ترميم جسده . غلبه النعاس نام علي الرصيف و برودة تسري في
خلاياه .. تسلقت الذكريات القديمة شجرة الحلم الجافة لتحترق برماد الآلام .. دموعه
تغرق الارض حاملة ذرات الملح الي بيوت النمل فتهجر الارض و تتسلق جدران المدينة و
دبات أقدامها يدوي في سماء الكون .. فجأة تحترق الارض بأشعة الشمس الغاضبة و يتبخر
معه في فضاء قاتم ..لا نهائي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق