علي ضفاف الحياة نري ما لا يراه البحار .. حياة ممتدة ، موجها ثائر متنافر.. يسقطنا داخل دوامات الابدية ليبتلع ما تبقي من أجسادنا التي أنهكتها الحياة والبحث عن وهم الاستقرار و السعادة .. هناك في باطن الارض يكون كل شيء راقدا مع صاحبه ؛ تاريخه ، أحلامه ، طموحاته ، أوهام الغد المشرق وصراعاته مع الآخرين في طريق غير ممهد من الولادة للممات .
انتبه- علي يد ثقيلة تضغط علي كتفه النحيل فتكاد تهشمه ووجها لم يتبينه ..
بصوت حازم يقول : تعالي ورائي .
تحرك وراء
الصوت ممسوسا ..وقدماه تصطك ببعضهما البعض .. ينظر حوله و يتعجب من تلك السراديب
التي لا تنتهي و أقدامه لا تتحمل ثقل جسده
.. وضع يديه علي فمه يكبل شفتيه خشية أن تنطق بسؤال لصاحب الصوت عن مصدر الأماكن
المجهولة تلك ؟! يقول لنفسه يا الله متي ينتهي كل هذا ونصل ؟!
ليس لديه ساعة لحساب الوقت ولكن
العرق يغرق وجهه و أنفاسه تتقطع و قدرته علي استنشاق الهواء تتقلص .. كأن الهواء
محمل بالاسفلت ... يصرخ في فضاء ذاته مستجديا هذا المجهول : أين أنا ؟ لماذا أمشي
خلفك مسلوب الإرادة مرعوبا .. جسدي لا يستجيب لاية مقاومة مني .. بات غريبا عني ..
أكتشفه كلما فكرت أن أقاوم .. يا سيدي أين النجوم في هذا الظلام الحالك أستجديك أن
تتركني أتوضأ بضوءها .. أيها الحلم /الكابوس /الواقع الثقيل الظل أيا كنت ارحل عني
فقد ضاعت سنوات عمري في البحث عن الحياة و اليوم أنفق ما تبقي لأبحث عن ضوء !!
وقع من شدة التعب وشعر أن الأرض
تسربت من تحته و جسده يسقط في هوة بلا قرار .. ينادي : يا سيدي لا أريد النجوم ولن
أستحم بضوءها اترك لي الأرض .. أشتاق للتشققات في سطحها و حفرها و الأحجار الملقاة
في وسط الطريق .. أريد أن ألقي جسدي علي حبات رملها .. فتنساب رطوبتها من بين
مسام جلدي و يعود باردا .. وتلتئم روحي في
اناء الجسد .
مرعوب ومشتاق للحظة توقف .. الخوف و الظلام يلتئمان سريعا و ينسجان رداء
خانق لا تلمسه لكن تشعر به يحتويك .. يلهب
روحك بحمم من نيران الغيب .. لا نهاية له
..تسقط منه الاشياء بمجرد الرغبة فيها و يدور في أمواج الحيرة .. لا ذات ولا
روح لا جسد .. شتات يبحث عن انسان كان
مكتملا ظاهريا منقسم ومفتت من الداخل .. انسان ينزف عالما من الأكاذيب نسجت له ولم
يكن يدري .. بات هائما في سماء فكر سكبوه في خلايا عقله .. توقفت نبضات القلب بعد
أن عجز عن تمييز مشاعر الحب والكره . الكلمات و القسمات حتي النبرات خادعة ..
البرودة تسري في اطرافه .. لم يعد يشعر بأصابع قدمه .. أصابع يده توقفت عن الامساك
بشيء .. يزحف علي بطنه خلف صاحب الصوت خوفا أن يشعر به .. خيوط الشك ترتق ثوب
الأمل ليتمزق اليقين .. و تذوب ذرات العقل في عالم مجنون ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق