هنا كل ما كتبت من مقالاتي وما نشرت هو عالمي مفتوح أمامكم أتمني اقامة طيبة


الأربعاء، 18 ديسمبر 2019

هل تسامحيني يا أمي ؟ بقلم : محمد خطاب





يا الهي انها أمي تصرخ من الألم و لا أملك شيئا يخفف عنها ، الكسر أصاب المفصل .. لم تعد قادرة علي الحركة و صراخها من الألم يملا فضاء الحجرة بل ينفذ من الجدران و يشق قلب السماء ، كم تمنيت أن أتحول لقدم بديلة .. أن تستحيل دعواتنا لجبيرة تلملم عظامها .. ضعفاء نحن و منسحقون تماما حين نعجز عن الحركة .. ستون عاما من الحركة و الجهد و الدوران في ساقية الحياة تنجب و تربي و تشهق حين تري أحد فلذات كبدها سارح او بوجه عابس .. تضرب علي صدرها وتلح : مالك .. قولي مالك مين مزعلك .. متعملش في نفسك كده.. الخ
كانت مواظبة علي الصلاة و قراءة القرءان لا تتركه أبدا تفتح قناة المجد و تقرأ خلفها في مصحفها الكبير .. كنت أذكرها حين كنا نتعارك في حب حين تأتي الساعة السادسة مساء موعد المسلسل العربي علي القناة الثانية و أنا كنت أشاهد ماتش للاهلي  .. كنت تغضب و تنهرني ثم تتركي لاشاهد المباراة .. كانت تسألني عن النجوم و الكواكب و عن خلق الانسان  و تجلس امام الشعراوي في اهتمام و تعشق برنامج العلم والايمان لمصطفي محمود .. يا إلهي كيف مرت الأيام الخوالي بهذه السرعة .. رغم مرور اسبوعين الا أن صراخها لم يخفت أبدا و سئالها عن كل واحد من أخوتي لم ينتهي كانت تتمم علينا و تتأكد من التفافنا حولها .. أنا بموت خدوا بالكم من بعض جملة تتردد علي لسانها كل لحظة .. كاد الدكتور أن يعمل لها عملية تغيير مفصل الا أنه وجد سنها و قلبها  لا يحتمل .. ضعفت أمي جدا و بات السن عنوان عريض محفور علي وجهها الا أنها لم تذبل أبدا، دائما زهرة يانعة .. كنت كلما خرجت من المنزل أنسي ما خرجت من أجله و أجدني عندها في المنزل لا أفارقها و لا تفارقني وحين أغيب تتصل و تسأل .. أترك كل شيء و أذهب لها .. كانت وطني و حلمي و غادرت بعد أن انقطع صراخها ولم أصدق قسوة الحياة وهي تنازع قبل صعود روحها ولم نعرف ماذا نفعل و عروس السماء تغادر مرقدها و بيتها و تتركنا لوحشة الحياة و قسوتها .. كيف تبيت في مكان آخر لا نعرف كيف نصلها فيه أو نسمع عذوبة صوتها و نرتوي من حنانها .. رحلت وصراخها و آلامها و كلماتها معلقة في فضاء غرفتها لا تبارح كوننا .. ننسج من ذكراها تمثال لآحن قلب و آخر وطن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق