أنت لا
تصنع ثورة كل يوم
لا قدرة
لشعب علي أن يظل ثائرا أبد الدهر
الحياة لا تستقر مع التناحر
أشعر
بالميل للفلسفة قليلا لأفهم واقع مأسوي ؛ واقعنا المصري . تأتي المأساة من جدلية
الواقع السياسي و انهيار عقد اجتماعي ظل مكتوبا بين أبناء الشعب منذ نشأت الحياة
علي شريط النيل وتوحدت مصر علي يد مينا ، عقد اجتماعي مبني علي مودة وحب وترابط
بين الأسرة المصرية مرورا بالشارع والحي والقرية والمدينة إلي المحافظة ونهاية
بالدولة الأم ، مزقت السياسة وقرار خاطئ رابط المودة ، و أذاب الاستقطاب الأيدلوجي
أواصر القربى ، وتناحر أبناء البلد الواحد وسط حالة من الإقصاء السمج بين معسكرين معسكر المعارضة بقماشته
العريضة التي تضم ليبرالي و علماني و وصفي و إسلامي و قضاة و صحفيين و الفنانين و
الكثير من المثقفين . المعسكر الآخر يضم التيار الإسلام السياسي ؛ سلفي و إخوان يساندهم مشايخ لهم حضور قوي في
الشارع و جماهيرية عريضة يستطيعون التأثير و الاستقطاب بشكل كبير ، والحقيقة أن
كثير من الدعة خسرناهم كدعاة و لم نربحهم كساسة .
و اعتمدت إستراتيجية
المعارضة علي التخويف من المشروع الاخواني و السيطرة علي الدولة لصالح المرشد ،
بجانب التركيز علي الرعب من سيطرة التيار السلفي و الذي شوهه أفعال أبو إسماعيل و
دعاة منفرين .
أما إستراتيجية
الموالاة فقد اعتمدت علي تخويف الناس علي الإسلام وإظهار المعارضين علي أنهم أعداء
للمشروع الإسلامي و العمالة للخارج ،
بجانب الممارسات الأخلاقية مثل شرب الخمور و أكل الجينة النستو !
و عامل
الاستقرار والتركيز عليه بشكل متكرر .
النتيجة أن
مصر خاسرة و لن تقوم لها قائمة ما استمر التناحر والصناديق ليست حلا بل قد تعمق
المشكلة حال استقوي بها احد الفصيلين واعتقد أنها صكا علي بياض ليوجه الدولة حيثما
يريد .
لقد تمادي
كلا المعسكرين في تشويه الآخر و توريط الشارع في الملاسنة و معارك لا طائل من
ورائها .
برز في
الأزمة شيئا مهما هو افتقاد مصر للفكر السياسي الايجابي الذي يخطو بالأمة من كبوتها ، و القدرة علي
إدارة الأزمات و التعامل مع الآخر وقبوله ، وافتقاد الثقة بين كل الأطراف .
وقعت
الدولة في السيناريو اللبناني و هو سيناريو كارثي لأنه يستخدم الشعب البسيط وقودا
لمراهقة الساسة و أطماعهم وصراعهم علي السلطة .
في الوقت
الذي لا نشعر بوجود الرئيس و لا مستشاريه و لا نوابه ، بل من يملأ الساحة صراخا و
عويلا و تصريحا هم أنصار الرئيس سواء سلفي أو إخواني ، فلا نجد دورا لمجلس الوزراء
و لا أي جهة سيادية في الحل و كأن الدولة رئيس و أنصاره في مقابل معارضة وأنصارها
!!
ولا ول مرة في مصر تحاصر الجوامع وتحرق المقرات الحزبية
و يسقط مواطن مصر علي يد أخيه دون أن يدري لماذا ؟ و لأول مرة رئيس لا يري الحق
سوي في جانب و لا يلوم سوي من عارضوه و لا يهتم بمليشيا أبو إسماعيل و عربدتها في
الشارع و كأنه عصا الرئيس لتأديب المعارضين .
الدولة
تنهار وحلم العدالة الاجتماعية لا وجود له في ذهن الرئيس و أنصاره و تبني سياسة
الحزب الوطني في الكوبونات كحل ورفع أسعار الخدمات والضرائب لا ينبي عن دولة
رفاهية ، بل ستسمر معاناة الفقراء و سيظهر أثرياء جدد من أنصار السلطة الجديدة .
لا يمكن
لبلد تنهار اقتصاديا أن تستمر في تناحرها للأبد و لا لفصيل واحد أن يضع تصوراته
وسيناريو الخروج للازمة ، وعلي الجميع أن يجلس للحل و تغليب مصلحة الدولة ومراعاة
ضميرهم في التعامل مع شعب بسيط كل ذنبه أنه أزاح نظام متوحش ونسي أن يزيح كل
المنتفعين و المتسلقين .
قليلا من التأمل كثيرا من التدبر و العمل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق