أسوأ خيانة هي خيانة
المثقف لضميره حين ينحاز للنظام الحاكم و يتفنن في الدفاع عنه وتلميعه و تمهيد
الطريق له للاستمرار لعقود ، مثلك أولئك المثقفين هم سبب كوارث شعوبهم و لولاهم
لسقطت العديد من الأنظمة الفاشية و الديكتاتورية في عالمنا العربي منذ اللحظة
الأولي ، والديكتاتور العبقري هو من يجيد انتقاء أبواقه و صناع القرار من الشخصيات
المؤثرة و صاحبة الكاريزما حتى تلتف الجماهير حول ما تقوله من أكاذيب و ضلالات ،
اللعب علي أوتار مثل الاستقرار و محدودي الدخل و البكاء علي الفقراء ودغدغة مشاعر
الشباب العاطل و الخطب الرنانة التي تحوي عبارات مميزة تظل عالقة في أذهان
الجماهير ، بجانب أخذ مقتطفات منها و
نشرها و تردديها علي مسمع الجماهير السكري بالأكاذيب حتى أنها ترفض تصديق عكس ما
يقوله قائدها المبجل مهما شاهدت من أفعال تخالف خطابه . ظنا أنها
لو صدقت أن زعيمها كاذب أن ينقلب عليها وتفقد الاستقرار و قوت يومها .
الخبز و الوظائف والاحتياجات
اليومية هي كل ما يهم الغالبية العظمي من جماهير العالم الثالث التي تخشي الغد
وتري الزعيم حاجز بينها وبين مصائب قادمة في خيالهم !
كل شيء يسير كما هو
مخطط له من عباقرة تخصصوا في تجييش مشاعر البسطاء حتى يتماهوا في شخص زعيمهم ، إن
صورة للزعيم وهو يقبل رأس رجل عجوز أو صبي صغير تحتل الصفحة الأول في الصحف
القومية ، و في صدر نشرات الأخبار المتلفزة ليتحول فعل بسيط لانجاز يعادل بناء
السد العالي ، و يلخص شخص الزعيم من
رفقاءه باسم يسهل علي الناس البسطاء قبوله مثل رجل السلام ، حامي الوطن ، زعيم
الأمة ، القائد الأب ، رب الأسرة المصرية . كذلك الصور التي تنشر في الشوارع
والميادين و الإعلام يجب أن تكون منتقاة تظهر يقظته و حكمته و اتزانه .
يختار الزعيم وقت
الخطاب و نوعه وكلماته حسب المناسبة و
الطائفة الموجه لها ، فمثلا خطاب موجه للعمال في عيدهم يختلف عن آخر موجه للأمة في
عيد قومي ، الزاوية التي تتعامل معها الكاميرا و إشارات اليد و عددها تقطيب الوجه
والابتسامة و حس الفكاهة في وقتها ، ارتفاع الصوت و انخفاضه حسب أهمية العبارة ،
إنها حزمة من الأكاذيب يتقنها قادة العالم الثالث سرعان ما تكشفها الأزمات الحقيقة
و تعاملها معها حتى نجد أنهم أصفار كبيرة و أصنام لا قلب لها ولا مشاعر صنعناها
بأنفسنا ، انظر للخطاب الأخير لمبارك و زين العابدين تجدهم فئران مذعورة و غير
واثقة من نفسها و خطابها بلا بريق ، و
يقترب من الشعبية و يفتقد الحماس و التأثير علي الشعب . صناعة الزعيم تحفظ له عرشه
لفترة من الوقت و لكن ما إن ينهار عرشه حتى يلفظه التاريخ هو و من معه ، حينها
يأتي آخر يسير نفس الخطي ما لم تكن هناك دولة مؤسسات تعمل بخطط مستقبلية لا حسب
نزوات زعيم البلاد ، و شعب متعلم يراقب و يحلل و يقيم و يحاسب ، شباب لا يعرف
التهليل كلما حك الزعيم أرنبة أنفه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق