حين
يبدأ الطغاة عصرهم تكون سماتهم بسيطة و كلامهم معسول ووعودهم براقة مما يأسر الشعب
و يجعله يقع في غرامهم ، دائما حديث الطاغية عن التحديات و الكوارث التي يدفع
بلاءها عن الشعب ، وهو لا يبدأ أبدا بطرح موضوعات تتناول رفع ضرائب أو زيادة أسعار أو تنازلات سياسية بل يترك ذلك
لعصبته الإعلامية تمهد لذلك عن طريق إطلاق الشائعات و التعامل معها علي إنها حقائق
مفترضة و تفنيد أخطارها بما ينفي أي ضرر علي المواطن ، ثم يأتي دور الوزير لاتخاذ القرار ، إن نفر الشعب فتكون
لقصي مطالباته إقصاء أعوان الطاغية باعتبارهم أصحاب سياسات خاطئة ، أما الزعيم
محصن تماما داخل خندقه الإعلامي الذي يركز دائما علي فكره المتميز ودوره الذي لا
يباري في العلاقات الدولية و حكمته في حل المشكلات الاقتصادية و حبه الخاص لفقراء
! بالطبع يبدأ الفساد من القصر باختيار إتباع فاسدين في كل المناحي و يصبح الفساد
فريضة و من لا يلتزم به يعاني شظف العيش و الإقصاء وربما السجن بتهمة عدم الشرف ،
مع الوقت يصبح أعوان الطاغية أصحاب البريق و يكملوا هذا بصورة لهم أثناء أداء
فريضة الحج و عفا الله عما سلف !
ابتكار
الأزمات الطائفية و إلهاب العصبيات القبلية من مهام حاشية الطاغية حتى يظل الشعب
في حاجة دائمة للطاغية ، أيضا الانتقاء الوظيفي و التفاوت في المرتبات يجعل الشعب
في مواجهة بعضه البعض ، الميزات الاقتصادية للأعوان في كل بقعة من ارض الوطن تخلق
نوعا من الطبقات الشرسة في الدفاع عن الطاغية و المقاتلة من اجل استمراره ، كلما
زاد أنين الشعب منحوا اقل القليل حي يظلوا ابتاع و في انتظار المنح ، الطاغية له
دائما طقوس في إلقاء الخطب من حيث التوقيت و العبارات الرنانة و دغدغة عواطف
الجماهير الدينية و الاجتماعية و أيضا الإشارات سواء باليد أو بالابتسام أو بالعين
لكل منها وقت محدد ، الصورة التلفزيونية و الفوتوغرافية للطاغية تظهر نضارته و
شبابه حتى تعلق في ذهن الجماهير لأطول فترة ممكنة فالطاغية لا يهرم أبدا !
حين يفلس الطاغية و ينتهي سحره تجده عصبيا و
متعاليا لأقصي حد ، قراراته متضاربة ، فهو لا يتصور انه فقد جمهوره أو بمعني أدق
لا يتصور أن الشعب النائم سيأتي يوم و يطالب بحقه وان حناجر الجماهير ستتجاهل
تمجيده و تطالب بتنحيه ، الصدمة حتى لو متوقعة فإنها اكبر من ان يصدقها عقل رجل
ملك الدنيا ، ينكر ثم يستنكر ثم يقاوم مقاومة شرسة إلي أن يقتل أو يسجن . وفي هذه
الأثناء يكون الطاغية مجرد ورقة واحترقت لأتباعه فيبدأ خطة للعهد الجديد يجيشوا
لها أنصارهم في كل مكان لقيادة المرحلة الجديدة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق