(المعلم ألقي أسئلة ظن أنها سهلة :
هل أصبح العالم قرية صغيرة ؟! هل شعرت بأنك جزءا منه ومن ثقافته ؟!
يرد عليه طالب في الفصل وهو يحدث آخر بالمحمول علي الفيس بكلمات عربي
بحروف أجنبية :
نعم أنا لي أصدقاء من كل الدول
العربية و الاجنبية.. واحدثهم علي الموبيل حاليا.
يسأل المعلم مندهشا :
و في ماذا تتحدثون ؟
الطالب :
عن حياتنا و افكارنا
المعلم : عظيم ... أنتم تتبادلون الثقافات إذن ؟
الطالب : لا أعرف شيئا عن الثقافات تلك .. لكن أعلم جيدا أنهم يعيشون
حياة كلها حرية دون عقد أو كلاكيع مثلنا
المعلم : تقصد حرية الرأي
الطالب : أقصد البنات (المزز) يا أستاذ
المعلم مصدوما : هل هذه الحرية فقط ما لفتت نظرك ؟!
الطالب : و الفسح و الرفاهية يا أستاذ
طلب المعلم من الطالب اغلاق الموبيل .. و بعد محاولات أغلقه وهو ينظر
لشاشة الموبيل بوداع العشاق .. لقد أغلق عالمه الافتراضي مرغما .. وظل حزينا شارد
الذهن لا يريد أن يستمع لشيء .. و طلب الذهاب للحمام .. تركته يخرج مع جهازه وحين أتي .. كان يزفر بشدة لان مدير المدرسة سحب
الموبايل منه ، و هو أمر يعتبر ضد الحرية من وجهة نظره ..))
موقف مر علي الكثير منا كمعلمين .. ونقف حائرين أمامه : من المخطيء
الطالب ابن عصره المتسارع في علومه و تقنياته أم نحن بأفكارنا ونظرياتنا التقليدية
التي تأبي أن تكون التكنولوجيا جزءا أصيلا منها .. فيصبح الطالب أمام طريق ثالث لم
يرتاده مسبقا ..يتوه في شكليات التكنولوجيا بدلا من التعلم عن طريق لغة العصر، التعلم التقني الذي يجعله
يتعلق بالتكنولوجيا ليسبر أغوار العالم لا لمجرد التسلية .. تأخرنا كثيرا في فهم التقنية الحديثة و
أهميتها بالنسبة للعلم ، و تركنا أبنائنا معها وحدهم دون توجيه او تصويب فغرقوا في
براثن المواقع المتطرفة دينيا او الاباحية بما يعني (الغاء العقل)
التعلم التقني بالنسبة للوزارة أجهزة كمبيوتر غالبا لا تعمل .. و لا توجد صيانة حقيقية لها .. و اذا وجدت .. لا
يوجد النت خشية سوء استعماله من الطالب و اذا وجد النت يقف المعلم علي أطراف أصابعه
خشية المواقع الاباحية .. وهكذا لا توجد
خطة واضحة ومدروسة من الوزارة تربط
التعليم بالتقنيات الحديثة و مناهج تساعد علي ذلك .. و أسلوب الامتحانات يراعي ذلك
.. مما يجعل حجرة الاوساط خارج حسابات المعلم و الطالب معا.
أخيرا : نحن خرجنا من العولمة بأيدينا و اقتصر استخدام الوسائط التقنية
الحديثة علي الغش في الامتحانات بدلا من نقل و تبادل المعرفة و الانخراط في
العالم..
نحن بالفعل نعيش علي أطراف العالم في الجزء المعتم تقودنا جحافل الظلام
لمزيد من الانزواء عن العالم الحديث .