التحولات التاريخية بين عصرين تمر بمرحلة مخاض عسيرة تبدأ الدول فيها دورتها التاريخية من البداية ، وتحتاج لهمة و عزيمة صادقة للبناء من جديد علي أنقاض النظام قديم ، شرط أن يكون قادة تلك المرحلة للبناء و التطوير ممن قاموا بالتغيير لأنهم الأجدر علي فهم مثالب النظام القديم و ما تحتاجه مرحلة التطوير .
ولكن ما حدث في مصر هو إقصاء لمن قاموا بالثورة لصالح من ساهموا في انهيار النظام السابق ومن استفادوا منه ورقصوا علي جثث فقراء مصر ، كان يجب أن تكون هناك رؤية أعمق وإستراتيجية أشمل يضعها الثوار لمرحلة ما بعد مبارك ولكنهم تبنوا فكر الالتراس بالتعفف عن اختيار قيادات لهم فالكل قائد والكل فاعل ،
ربما يفهم هذا في مشجعي كرة القدم ، لكن في السياسة هذا أمر مرفوض ، لان الخطأ الذي ترتكبه في قيامك بالثورة قد يودي بحياتك ويهد كل ما تبنيه . قد يكون من أسباب عدم وجود إستراتيجية أن الثوار خرجوا لإنهاء الظلم و طموحاتهم لا تتعدي الإصلاح ورفع المرتبات ولكن الحشد غير المسبوق والخروج الجماعي للشعب المصر علي اختلاف مشاربه ، رفع سقف الطموحات و لكن غابت القيادة لأنها لم تكن موجودة عند بداية الثورة ، أو لنقل لم تكن محددة خشية عدم التفرق و قتل الثورة في مهدها ، و ساهم في ذلك انضمام حركات كثيرة مثل 6ابريل وكفاية والجمعية الوطنية للتغيير و ...الخ ، بجانب الجماعات الدينية مثل السلفية و الإخوان المسلمين ، و الأحزاب القديمة مثل الوفد و الناصري و ...الخ ، كانت الطموحات انتهاء بخطاب الرئيس السابق تتلخص في ضمانات بانتقال سلس للسلطة في وجود مبارك ، و لكن جاءت معركة الجمل والاعتداء علي الثوار بمثابة جريمة تاريخية تضاف لجرائم النظام السابق و تسكب الزيت علي النار ،
و ترفع سقف المطالبات ابتداء بترك السلطة للجيش مرورا بسجن نظام بأكمله لأول مرة في التاريخ و محاكمته ، ولكن ارتاح المحارب و عاد للبيت و لموقعه في العمل وترك الحكم لأهل الثقة ممن ليسوا أهلا لإدارة البلاد مما تسبب في انتعاش فلول النظام القديم وعودتهم للصدارة مرة أخري ، وصدمنا بأن مصر لم تتغير بشكل حقيق و أننا استبدلنا رأس النظام بأذنابه فقط ، فارتفعت الأسعار و زادت معاناة المواطن و بدأ ما أطلق عليه الثوار ( مهرجان البراءة للجميع) تعقيبا علي صدور أحكام براء لمسئولين سابقين و ضباط شرطة متهمين بقتل الثوار .
عاد الثوار لتعديل المسار ولكن هل التغييرات الوزارية التي جاءت بناء علي ترشيح الثوار ستجدي في ذلك ؟ هذا ما ستجيبنا عنه الأيام القادمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق