يمر العمر سريعا وما كان بعيدا تتجاوزه في لمح البصر هكذا تدور تروس الحياة وندور معها إلي أن تفرمنا آلة الزمن ونخرج من كوكب الأرض. أربعون عاما مرت و أنا ألهث خلف عقلي الذي لا يكف عن التفكير ، و لان الأجوبة تخلق الأسئلة ، استهلكت عمري في السعي لفهم العالم و لم أسبر غوره للآن ، ليت أني مثل كنفوشيوس الذي يقول ( لما بلغت الخامسة عشرة كان عقلي منعزلا بالتعليم و في الثلاثين أصبحت لي آراء راسخة ، وفي الأربعين تحررت من الشكوك ... ) ولكن هيهات فالحكمة منغلقة إلا علي بعض مريديها ، فقد كنت شخصية تراجيدية التي عرفها ميللر بأنه (شخص يطرح أسئلة إجاباتها عبارة عن تعريف بالإنسانية و الطريقة الصحيحة للحياة معتبرا العالم موطنا بدلا من اعتباره ساحة حرب أو ضباب تتلاقي فيه الأرواح الشاردة في ليلة ليلاء ) كنت أبحث عن ذاتي دوما من خلال كتابة خواطري بأيد مرتجفة وقلب ينبض حد التوقف خشية أن يطلع أحد علي مكنون ذاتي و لأني آمنت بأن تحقيق الذات كما عرفه ماسلو ( الاستفادة الكاملة و الاستغلال التام لكل المواهب و القدرات الكامنة و الإمكانات المتاحة لدي الفرد ) فقد سعيت من خلال القراءة المتواصلة و الكتابة قليلا فهم عالمي حيث ( إن التأمل و الزمن يغيران الرؤية قليلا قليلا حتى نتوصل في النهاية إلي الفهم ) كما يقول سيزان . و لأن لا أحد يعيش حياتك و لا أحد يتلقي مصيرك فقد قررت أن أستمر في البحث دوما عن ذاتي وسط ركام الأسئلة و عناء البحث عن أجوبة ، أواجه مصيري مثل كافكا الذي قال ( إني اكتب بالرغم من كل شيء ، وبأي ثمن فالكتابة كفاحي من اجل البقاء ) و اصرخ معه و أردد معه ( أود أن أنزع من نفسي بالكتابة ، كل حالة القلق فأنقلها من أعماقي إلي أعماق الورق )
فالقلق هو ضريبة عقل نشط يبحث في جنبات الكون عن إجابات لأسئلة لم تولد بعد ، و قد أصبحت أكثر وعيا بطبيعتي الداخلية الخاصة ، و أسلك وفقا لهذا الوعي .
بقلم : محمد خطاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق