تأملت ملامح أبي في صورته المعلقة علي حائط حجرتي العتيقة .. ومن حولها جير الحائط المتساقط وشقوق حفرها الزمان ترسم لوحة كئيبة
حول وجهه . ملامحه تشبهني كثيرا .. كأنه بعث من رقاده الطويل ؛ نفس العينين ، الأنف المستقيم ، الشعر الأبيض ، انحناءة الظهر ، تقطيبة
في الوجه ، نظراته الحادة ، الحزن الملازم له دوما . سألني ابني الصغير عن سر معاملتي القاسية معهم ، والصراخ المستمر في وجوههم ، والإنزواء بعيدا عنهم ؛ كل مرة أضربهم فيها . قلت : لم أضربكم بل أبي من ضربكم .. وهو من يصرخ في وجوهكم . أبي يفعل كل شيء وأنا
عاجز عن مقاومته ، بل أرتعب من فكرة مناقشته والإعتراض عليه . أنا أبوكم الذي يحبكم و أحزن وأبكي كلما آذاكم هو . أبي يحتل جسدي
وانا أسكن إحدي زوايا أجسادكم قاوموني أرجوكم . افصلوا أرواحكم عني .. حتي لا تورثوا الذل لأبناءكم .. احرقوا صورتي حتي لاتسكنكم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق